لمحة تاريخية:
لقد كثرت الدراسات التاريخية والوصفية لآلة العود منذ وجودها مروراً بحقبات تطورها حتى أيامنا هذه، واختلفت الآراء حول أصله، بعضها يرى أن مخترع العود هو ’’لامك‘‘ من أبناء الجيل السادس بعد آدم. ويقال أن صانعه ’’بطليموس‘‘ صاحب الموسيقى، أما المبرّد في كتابه ’’التاريخ الكامل‘‘ فيرى أن أول من صنع العود ’’نوح‘‘ عليه السلام. وقيل أيضاً أن أول من صنعه ’’جمشيد‘‘ ملك من ملوك الفرس واسماه البربط وتفسيره باب النجاة. أما الأستاذ فارمر فيرى أن العرب قد اقتبسوا العود من الحيرة بدل عودهم الجلدي، وهذا ما يؤكده الباحث الآثاري المعروف الدكتور صبحي أنور رشيد: ’’أن أقدم ظهور لآلة العود كان في العراق القديم وذلك في العصر الأكدي (2350-2150ق.م.)‘‘. كذلك يذكر بعض المؤرخين أن آلة العود قد ظهرت عند قدماء المصريين منذ أكثر من 3500 سنة، كما وعثر على عود فرعوني في مدافن طيبة يرجع عهده إلى سنة 1300 ق.م.
ولقد عرف العرب قديماً أنواعاً متعددة من العود:
1-المزهر: آلة ظهرت بعد الإسلام وجهه من جلد الثور.
2-الكران: هو العود الذي يرجع إلى عهد المزهر وما قبله.
3-العود المدرسي: يشبه بمواصفاته آلة الماندولين.
4-العود الكامل: هو أكبر حجماً من آلة المزهر.
5-البربط: يعتقد أن صانعه جمشيد ملك من ملوك الفرس.
6-الموتر: آلة متعددة الأوتار تشبه العود اليوم.
7-الشبوط: هو العود الذي ابتكره منصور زلزل في العصر العباسي مستطيل الشكل يشبه السمك الشبوطي.
8-المغني: هو العود الذي ابتكره صفي الدين الأرموي‘‘.
9-العود الصنعاني: ويعتبر من الآلات المنقرضة حالياً وقد بطل استعمالها بعد أن دخل العود الحديث إلى اليمن ويدعى أيضاً ’’القمبوص‘‘.
إن هذه الأنواع تختلف فيما بينها من حيث الشكل والمادة المصنوعة منها والقياس أيضاً، وما يتبع ذلك من تعدّد ألوان أصواتها وطبقاتها. لكنها تتفق في مبدأ اهتزاز الوتر وتقوية الصوت الحاصل بواسطة الصندوق الصوتي للآلة. أما طرق صناعة الآلة فكانت دائماً في حالة تطور وارتقاء من كون العود قطعة واحدة في بداياته "(عود من عود)" وهو العود المحفور أي الذي لا تبنى قصعته من أضلاع… حتى أصبح في أيامنا هذه يقارب الستين قطعة خشبية من أنواع مختلفة. كما أن نوعية الأوتار وعددها قد تبدل فكان عددها في زمن الكندي والفارابي أربعة وقد وضع لها أربعة دساتين على زند العود موضع عفق الأصابع الأربعة (السبابة-الوسطى-الخنصر-البنصر) وتشير المصادر على أن زرياب (المولود سنة 777 م) قد أضاف إلى العود في الأندلس وتراً خامساً. أما اليوم فقد استحدث مؤخراً وتراً سادساً ما زال موضع تباين واختلاف آراء لجهة وضعه لناحية الأصوات الغليظة أم الحادّة.
ويرى الأستاذ سليم الحلوأن للعود تاريخاً طويلاً لو اقتصرنا على ذكر تطور صنعه وذكر الذين برعوا في العزف عليه قديماً ومن عمل على تحسينه وتطوره على توالي الأيام لطال بنا المقام، ويكفي أن ننوّه بتفوقه وسيطرته على جميع الآلات الشرقية على العموم والعربية على الخصوص، حتى أنه تخطى الأمم الشرقية على أنواعها وانتقل إلى الأندلس بانتقال العرب إليها وتعدّاها إلى أوروبا، وانتقل اسمه معه ولازمه في كل مراحل تطوره، فكان ينطق به في جميع اللغات الأوروبية نسوق منها على سبيل المثال:
-الإنكليزية: Lute -الدانمارك: Lut
-الفرنسية: Luth -الإيطالية: Liuto
-الأسبانية: Laùd -الألمانية: Laute.